السبت، 30 يناير 2021





 
قراءة في الأنطلوجيا الشعرية الحديثة بعنوان:
رؤية للقصيدة النثرية في المنظومة الأدبية بين الحداثة والتجاوز واستقراء حيثياتها كمولود نُجب من تلاقح الثقافات محتلا مكانة سامية بين الاجناس الادبية و فارضا ذاته بقوة على القارئ العربي..
 بقلم يوسف القيصر_بتاريخ03-02-2021


لقد جاءت الحداثة الشعرية التي حصلت بالمنظومة الادبية العربية نتيجة تأثر ثلة من الشعراء العرب بالادب الفرنسي سنة 1957 نذكر منهم يوسف الخال، أودونيس، توفيق صايغ , شوقي ابو شقراء و أيضا محمد الماغوط و انسي الحاج 
 في أواخر القرن 19كنتيجة إمتداد للحركة الفكرية الغربية اجتاحت معمارية الأدب العربي ككل عن طريق
 ثلة من المفكرين و الأدباء الذين تأثروا كثيرا بالأدب الغربي و كان من أهم روادها أدونيس، نازك الملائكة ،محمود درويش ،أمل دنفل صلاح عبد الصبور و غيرهم و لأن الاندماج الحضاري بين الاوطان يطال بالضرورة الميدان الأدبي كونه ركيزة هامة لكل حضارة فقد كان للشعر منه نصيب الأسد و هذا التلاقح أنجب لنا فنا جديدا و هو أدب بنكهة غربية إن صح التعبير و ما فتأ أن لاقى قبولا كبيرا لدى الأدباء و أخذ حيزا هاما من كتاباتهم كما  اكتسح جمهورا ضخما من القراء..
و بالتالي لم يعد النص الشعري مكتفيا بذاته بل كما قال أدونيس بشمولية الشعر إلى كل الأجناس الأخرى التي كانت مكتفية بذاتها وأيضا هي نتاج إرادة واعية لا شكلانية كما عرفها كل من سوزان برنار وهنري لوميز الذين كان لهم اجتهادات مشهودة في هذا الشأن..فكانت ثورة أدبية بحق أضافت شيئا جديدا أغنى الرصيد الأدبي بنوعية قيمة من الأدب الراقي وهي تعتمد أساسا في شكلها على الصورة الشعرية مع تنوع القافية و وحدة التفعيلة و في مضمونها  أحيانا على الغموض و أخرى على الإيحاء الفلسفي..
فمنذ دخل الشعر العربي الى مرحلة الحداثة و هو يعرف مخاضا نتج عنه تطور و تجدد كبيرين الشيء الذي فرض نفسه بقوة بكل أجناسه المختلفة كما لاقى قبولا كبيرا عند شريحة عظمى من الأدباء لكونه غير مقيد بقافية و أحيانا غير مقيد بالوزن أو كما عرفه بعض الشعراء الحداثيين بأنه تعطيل الوزن و القافية و تعويضه بالايقاع الداخلي بما أسموه بتفعيل التعطيل و أيضا عرفه ادكار الان بو بأنه حصر الشعر في القصيدة المقتصدة مما جعل له سهولة تناوله و الابداع فيه بشكل كبير و بعد ذلك انبثق عنه ما سمي لاحقا بالقصيدة النثرية الحداثية في 1957 و ظهر المصطلح في الادب العربي في 1960حيث كانت إضافة نوعية للأدب العربي،وبالرجوع الى تاريخها الأول فمنشأها كان منذ عقود بالديار الفرنسية على يد الشاعر الفرنسي بودلير حيث أخبرنا أنها حديث ينطوي على موسيقى دون وزن و قافية.. 

فالقصيدة الحداثية كما عرفها البعض هي نص تهجيني يشمل في بنيته السرد و الشعر و النثر وهو عبارة عن مضمون نثري تحتوي معماريته على مجموعة من التعابير الفنية محررة تماما من كل القيود الشعرية و لا تخضع لأية قوانين مع سهولة تعديلها خلاف الشعر العمودي لذا وصفت بأنها مثل الاسفنجة في البناء والتركيب، فهي نص نثري يعتمد أولا و أخيرا على التكثيف اللفضي والمعنوي مما يضفي على السطور زخما دلاليا ثريا مع ترابط و تناسق متلازمين واعتماد مرجعية تقوم أساسا على حس الشاعرية والخيال البديع بمزيج متجانس من الثيمات الروحية والجسدية برؤى خيالية وأحيانا سحرية فهي كما يدل اسمها ذات صيغة حداثية تعتمد على تجاوز ما تعودناه من سالف الكتابات الشعرية السابقة بحيث يجد فيها الكاتب فضاء كبيرا للإبداع و التجديد فيعطينا لوحات أدبية ماتعة تطرب وجدان المتلقي بمزيد من الاوصاف و المعاني العذبة ، فهي بما فيها من حرية دون قيد قد أعطت للأديب مساحة كبيرة للتعبير دون أن تعيقه قواعد الشعر من وزن و بحر وقافية

فهي إذن نتيجة مباشرة و طبيعية لتلاقح الثقافات وهي نمط أدبي مستقل بذاته كسّر البنية التقليدية للنص الشعري برؤية جديدة و حرره تحريرا مطلقا من كل القيود الشعرية،وقد أصبحت تحتل حيزا مهما من كتابات الأدباء و أيضا اهتماما كبيرا من جهة القراء ..و ستبقى هي و الأنساق الشعرية الحداثية الأخرى شيئا قيما أثرى أدبنا العربي بشكل كبير..






ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

  فلسفة الحياة.. بقلم _القيصر_21-04-2021 إن للحياة فلسفة خاصة بها و معاييرها تخالف غالبا معاييرنا،كما أن قوانين الزمان و الأيام تخضع لقوانين...