الجمعة، 12 فبراير 2021


 بسم الله الرحمان الرحيم و الصلاة و السلام على أشرف المرسلين وعلى الصحابة الغر الميامين أما بعد فتحية عطرة أيها الحضور الكريم أرباب الفكر و إخوة اليراع،هذا هو بحثي المتواضع حول طرحكم المعنون تحت ( سفر عبر الزمن) وقد حاولت أن أعالج المباحث الست بطريقة مختلفة سواء عن مقالات الجوجل أو نظيرتها بالفيسبوك ،فدائما في كتاباتي أحاول أن أتجاوز و أتخطى الكتابات التي سبقتني ليس لأكون الأفضل ولكن لأضيف فكرا جديدا لمعمارية الفكر الانساني ،فقد كتبت دراستي و بحثي بأفكار و معطيات أغلبها جديدة نابعة من فكري و اجتهادي و أتمنى أن يكون بحثي إضافة نوعية لا إضافة كمية للأنطلوجيا الادبية و تكون أيضا إثراء بسيطا للمكتبة الثقافية العربية..

هذه المباحث التي هي محور دراستكم :

١- الزمن في الشعر العربي قديما وحديثا 

٢- نظرة الشعراء المعاصرين لمفهوم الزمن

٣- رمزية الزمن وأشكاله

٤- دور الموروث الثقافي في تجديد الشعر المعاصر

٥- الزمن وجدلية الصراع بين الذات والهوية

٦- الزمن والصورة الشعرية.

و سأبدأ طرحي بتعريف عن الزمن فيه رؤية علمية و أخرى أدبية ثم سأطرح مباحثي الست تباعا في تعليقات متتالية و كل مبحث سأذيله بالمراجع المعتمدة..

× × × × × × ×× × × × × × ×× × × × × × ×

بحث عن ( سفر عبر الزمن )

قراءة في البعد الزمني بعنوان:

الزمن هو بعد غير انعكاسي و عامل أول بدونه لم يكن للتجربة الشعرية المنبثقة عن نظيرتها الفكرية قدرة على بلورة ذاتها و أن تسهم في تكوين ثقافة الحضارات..

بقلم بنغازي يوسف القيصر_بتاريخ09-02-2021

لقد كان الزمن منذ الأزل شيئا جدليا أثار حوله الكثير من التساؤلات و أحاطه الكثير من الغموض؛فهو جزء من قوانين الطبيعة و ركيزة من أهم أسسها،فتحرُّك المكان في دائرة الزمن هو ما يصنع الأحداث و مراحل حياة كل المخلوقات، فهو بُعد كوني غير ملموس ماديا عبارة عن مساحة من الأرقام تؤرخ للأحداث الكونية منذ النشوء وحدتها السنوات و الأرقام لا نراها بأعيننا لكن نحسها بحواسنا و بتعريفه الفيزيائي المختصر فهو بعد غير انعكاسي نسير فيه الى الأمام فقط خلاف البعد المكاني ففي هذا الاخير يمكنك التنقل من نقطة والرجوع اليها بعكس البعد الزمني حيث يستحيل فيه العودة الى النقطة السابقة وهو الشيء الذي جعل خيال الأدباء والعلماء على حد سواء يحاولون اختراق الزمن عكسيا فأبدع الأدباء شتى الروايات عن رحلات الزمن كما راود بعض العلماء حلم عن اختراع آلة ترجع بنا للماضي..وكان الزمن منذ دهور محور اهتمام المفكرين و المتأملين ،ففي بداية الحضارات كان عاملا مهما في أديان القدماء و منه أوجدوا الأعوام الميلادية والقمرية لحساب الوقت و السنوات كما كان للقدماء رؤية مختلفة عنه فمن أقوال الفلاسفة الذين كانوا الاوائل في بحثهم عن مفهومه و محاولة إزالة الغموض عن غياهبه و منهم فيلسوف الإغريق أفلاطون الذي أخبرنا بأن الزمان بلا بداية وأنه وحدة فلكية وصورة متحركة للأبدية التي تتواجد في حاضر مستمر و لا يجوز عليها الماضي و الحاضر و المستقبل في حين عارضه نظيره أرسطو حيث قال العكس و يبقى الطرح الجدلي قائما قرونا عدة حيث أثاره مرة أخرى كل من الكندي و ابن سينا فقال الاول ان الزمان متناهي في حين تشدد الاخير بقوله أنه غير متناهي وظل الجدل مطروحا..و تمر الدهور و يتطور العلم وعند اختراع الساعة أصبحنا نرى الزمن يتحرك على شكل عقارب تدور و لم يعد الزمن ذلك المجهول كليا بل أصبح مجهولا جزئيا و بعد معرفة العلماء بالمتَّجه الزمني الكوني الذي يرتبط بالانفجار الكبير أصبح للزمن بداية لكن بدون نهاية و اجتهد الباحثون من حل المعادلة الكبرى و خرجوا لنا برقم معجز عن عمر الكون الذي قدروه برقم رهيب بحوالي  13.799 مليار عام..


فالمتغير الزمني في نص الشاعر لعب دورا أساسيا في كل تصور شعري فهو الجسر الذي كان يربط الاحداث التي تأتي في سياقات زمنية مختلفة من ماض و حاضر أو مستقبل و يصبها في قالب واحد في بنية القصيدة الشعرية حتى يكتمل بناؤها و أيضا دلالاتها ،فصورة الشاعر الابداعية هي صيرورة لتلاحم ثلاث أشياء لا غنى عنها في معماريته وهي صورة الشاعر الحسية و القيمة الزمنية و البعد المكاني ،و هذه القيمة هي نفسها في كل عصور التجربة الشعرية لكن مع اختلافات جهرية فرضتها مستجدات طرأت على تاريخ الحضارات ككل و سآتي على ذكرها لاحقا..


× × × × × × ×× × × × × × ×× × × × × × ×

× × × × × × ×× × × × × × ×× × × × × × ×

المبحث الأول ١- الزمن في الشعر العربي قديما وحديثا 

قراءة في الزمن في الشعر العربي قديما وحديثا بعنوان:

رؤى الشاعر الحداثي عبر التجربة الإبداعية هو اندماج لآفاق فكرية نتيجة تلاحم عوامل طبيعية و لغوية و فيسيولوجية داخل البعد الزمني أشياء عمّقت صلته بتجربته الشعرية..

بقلم يوسف القيصر_بتاريخ10-02-2021


إن منظومة الفكر الانساني بكل فروعها وأنساقها منذ وجدت الحضارات وهي تطرأ عليها متغيرات عدة نتيجة التطور و التأثير الزمني بما يرافقه من مستجدات و أحداث و من تأثيرات خارجية تفرضها الطبيعة و الظروف و أخرى داخلية تنبع من ذات الإنسان نفسه و تحركها هواجسه و مشاعره ، ولعل الأدب و الشعر كان لهما حصة مهمة من هذا التغيير كونهما جزءا لا يتجزأ من معمارية الفكر البشري ككل..


فليس هناك جدال عند الكثير من المفكرين و الأدباء في العلاقة الأزلية بين الزمن و الشعر فهذا الأخير منذ أمد و البعد الزمني يحدث فيه تغييرات تدريجية غيرت بنيته شيئا فشيئا ،ففي الأدب على سبيل المثال كثير من البحوث الفلسفية الغربية كانت متابعة لنظرية التغيير نذكر منها بحوث برجسون و هيدجر عن المتغيرات الزمنية التي اجتاحت الأدب ككل منذ بروست وجيمس جويس وفرجينيا وولف في فرع القصة الطويلة،و قياسا عليها بما يحدثه الزمن من تأثيرات في الفروع الأدبية الأخرى و الشعر على رأسها..


كما أن النظرية الزمنية و الأدب كانت تختلف من حضارة لأخرى، فالحضارة الاسلامية مثلا كان التغيير الزمني على فكرها مستمرا إلى الأمام لكن بنظرة رجوعية للماضي بحيث يبقى الأدب دائما مرتبطا بتاريخه القديم و على النقيض فالزمن في فكر الحضارة الأروبية كان يغير الفكر باستمرارية دون نظرة رجعية للوراء الشيء الذي جعل اختلافا كبيرا بين أدب و فكر الحضارتين..


و برجوعنا الى الأدب العربي فمسار النص الشعري تغير نتيجة لعوامل اجتماعية تاريخية و ثقافية عبر فترة زمنية طويلة و الصور الزمنية المختلفة انصهرت في القالب الشعري و دمجت كل الأنواع الزمنية من ماض و حاضر و مستقبل في بنية واحدة ذات دلالات منسجمة ، و نتيجة لتلاقحه مع الثقافات الاخرى لم يعد مكتفيا بذاته حيث اجتاحته رؤى جديدة و تنوعت رؤى الشاعر العربي و تطورت حيث تعمقت صلته بتجربته الشعرية و أنجبت لنا مولودا جديدا،فعلى حسب قول علي جعفر العلاق” تغير في نظام الأشياء، وفي نظام النظر إليها، وهذا النظام المختلف في النظر إلى الأشياء يعمق صلة الشاعر بتجربته ويبرهن رابطته بالكون، وبالحياة والأشياء، فيجعل من هذه الصلة، لا نقاط تماس مجردة، بل انصهارا حادا واندماجا في تيار جارف، شديد الفرادة، ولا يمكن لصلة الشاعر بعالمه أن تكون على هذا المستوى إلا إذا كان مسكونا برؤيا حقة، تتيح له تمثل العالم، والانغمار فيه والتفاعل معه تفاعلا داخلا وهاجا “(1).


فالنص الشعري هو اندماج لآفاق فكرية داخل البعد الزمني من صور حسية و معنوية و كلها تندمج مع ذات الشاعر خلال تلاحمه مع الأحداث فتنزف قريحته بأوصاف تغذيها تلك الرؤى الناتجة عن العوامل جميعها،فالزمن الذاتي والجماعي و الطبيعي واللغوي والفسيولوجي وغيرها تنصهر كلها لتعطينا نتاجا أدبيا متماسكا ذو بنية واحدا .


فالتجربة الابداعية في الشعر العربي و بانفتاحه على الحضارات الاخرى قد طرأت عليه متغيرات عدة عبر الزمن و أضافت إليه الكثير من الأشياء ،متغيرات غاصت في جذوره و غيرت من صورته ككل ولعل أهم التغييرات هي تلك التي طرأت عليه في عصر الحداثة من القرن الماضي حيث تغيرت الأنطلوجيا الشعرية بصفة كبيرة ولم يعد النص الشعري ذلك النص العربي الصرف بل أصبح مزيجا من نظيره الغربي برؤى من الثقافتين و الحضارتين معا و بعد الحداثة دخلت أنواع أخرى الى منظومتنا الشعرية العربية مثل الهايكو الياباني و الومضة و الخاطرة و غيرهم من الأنواع الشعرية المنبثقة من حضارات شقيقة و كل هذه التغيرات أضافت له كثيرا من المحسنات و توسعت آفاقه و تنوعت معه الرؤى الشعرية..


و في الأخير سأسوق لكم تشابها طريفا قرأته في أحد الكتب عن التشابه بين العصر الحديث و العصر القديم في الشعر الذي يعرض على منصات التواصل الاجتماعي و ذاك الذي كان يلقى في المعلقات فرغم اختلاف طريقة العرض فيها بعض التشابه فالاول كان يعلق قصيدته على أستار الكعبة و الاخر كان يعلقها في منشور على منصة الفيسبوك و كذلك فطريقة التلقي متشابة أيضا نوعا ما بحيث كان قارىء المعلقة لا يلتقي بصاحبها كما هو الشأن في الفيس مثلا فصاحب القصيدة غالبا لا يرى قارئها..


المرجع(1)علي جعفر العلاق، في حداثة النص النص الشعري، (عمان: دار فضاءات، ط3، 2013م)، ص11.2

المرجع_2

الكتاب : اتجاهات الشعر العربي المعاصر

المؤلف : إحسان عباس


× × × × × × ×× × × × × × ×× × × × × × ×

× × × × × × ×× × × × × × ×× × × × × × ×


المبحث الثاني ٢- نظرة الشعراء المعاصرين لمفهوم الزمن


× × × × × × ×× × × × × × ×× × × × × × ×

× × × × × × ×× × × × × × ×× × × × × × ×


المبحث الثالث٣- رمزية الزمن وأشكاله

قراءة في رمزية الزمن و أشكاله بعنوان:

اختلاف الرموز الدلالية للزمن في المعمارية الشعرية كان له دور كبير في تغيير السيميائية الشعرية و جعَل كل نص شعري يتميز ببصمة عصره.. 

بقلم يوسف القيصر_


لطالما كان للزمن و الزمان حضور كبير في مخيلة الشاعر و انعكس ذلك بشدة على كل نصوصه الشعرية ،فالزمن و تجربة عصر الشاعر ساقت الى تعابيره دلالات خاصة كان لها دور كبير في اعطاء نصه بصمة تختلف عن بصمة عصر سابق،فالمفردات الدالة على الزمن تعددت وتعددت معها الرؤى لسببين أولهما إتساع مخيلة الشاعر و أخرى لغنى لغتنا الضاد بالمفردات التي لا تنضب أشياء كان لها تأثير عميق و تطوير إيجابي في بنية الشعر ككل و هي متغيرات كانت دائما عباءة القصيدة بعباءة أخرى حديثة..


ففي العصر الجاهلي مثلا كان الوصف للزمني دقيقا و اتخذ عدة معاني وكان مهما جدا في جمالية الصورة الشعرية و قد اهتم باحثون كثر بهذا الامر فتعمقوا في دراساتهم في هذا الشأن ولاخرجوا لنا بمعطيات كثيرة لعل أهمها أنهم وجدوا ان المفردات المستعملة في الوصف الزمني بخلاف توظيفها للتعبير في النص عن الوقت واستمرار الوقائع و ربط الماضي بالحاضر كان لها توظيف للدلالة عن رموز أخرى كالحركة و الشمولية و أيضا للتعبير عن الفناء والشقاء..و استعملوا مرادفات نذكر منها الدهر و الحین و الغدو و الرواح و الليلة و اليوم ،كلمات وان توحدت في مدلولها الزمني فقد اختلفت جذريا في معناها ولعل كلمة الدهر كان لها نصيب ااسدىمن هذا الاهتمام..


و بعد العصر الجاهلي استمرت دلالات الزمن في حضورها بالنص الشعري بشيء من الاختلافات طبعا لأن بعض المصطلحات لم تعد حاضرة مثل السابق نتيجة التطور الذي شهده موازاة مع تطورات العصر..


× × × × × × ×× × × × × × ×× × × × × × ×

× × × × × × ×× × × × × × ×× × × × × × ×

المبحث الرابع٤

- دور الموروث الثقافي في تجديد الشعر المعاصر

قراءة في دور الموروث الثقافي في تجديد الشعر بعنوان..

توظيف التراث في مخيلة الشاعر هو إلهام له بكـمٍّ من الرموز و الرؤى الشعرية أشياء أثرت بشكل كبير تجربته الأدبية بمزيد من العطاء و الإبداع..

بقلم_يوسف القيصر_


لعل الصورة الشعرية في أي منظومة أدبية من انطلوجيا فكر الحضارات هي امتداد للموروث الثقافي و الشعر العربي لا يشد عن هذه القاعدة،فهو ذاكرة الأمم و إرثها الثقافي الذي به بنت ثقافتها و حضارتها و هو أيضا امتداد لثقافات و عصارة فكر طيلة تجربة زمنية طويلة ،فالتراث هو جذر من جذور الحضار الذي يجعل لأمة ما بصمتها بين الأمم لطالما ألهم و أضاف لرؤى الشاعر رؤى أخرى امتزجت في نص متناسق و أنجبت لنا قصائدا ذات بعد جمالي و تصورات بديعة ،فالارث الفكري الانساني كله كان الموروث جزءا لا يتجزأ منه و لا ننسى الكتب الاوائل مثل سيرة عنترة و سيرة سيف بن ذي يزن و السيرة الهلالية و أيضا الرباعية الرائعة ألف ليلة و ليلة و كلها مؤلفات انعكست بقوة في الشعر العربي و أثرته بشكل كبير،حيث امتزج هذا الموروث مع رؤى شعرية متقدمة و أعطونا نصوصا شعرية بديعة الجمال و رائعة المعاني..


و خلال التجربة الشعرية الطويلة كان للموروث الثقافي دور فاعل في كل مرحلة من مراحل الأمة العربية ففي العصر الجاهلي كان الشعر فنا له مكانة كبرى واستعمله الشاعر في شتى المواقف فكان مادحا و مفتخرا و متغزلا و كان سلاحا له يهجو به أيضا وأهم ميزته آنذاك أنه كان في كل محتواه عبارة عن عروبة خالصة ليس فيها شوائب من أي حضارة أخرى،أما في العصر الاسلامي فقد أصبحت دلالات الموروث مرتبطة بالرموز الاسلامية و أهمها على الاطلاق تلك التي جاءت من القرآن الكريم كالجنة و النار و الثواب و العقاب ومدح الرسول وهجاء الكفا،كلها معطيات غيرت في الموروث الثقافي أشياء كثيرة،و لم يتوقف التراث في مسيرته الزمنية حيث اتخذ أشكالا أخرى في عصر الخلفاء الراشدين و بعدهم في العصرين الأموي و العباسي..و جاءت بعده مرحلة الحداثة و أيضالاكان هذا الموروث حاضرا وأسهم في إغناء الصورة الشعرية برموز امتزجت مع رموز العطر فخلقت لنا رؤى شعرية بديعة الأوصاف..


و أخيرا فالصورة الشعرية الحديثة قد شربت من ينابيع الحقب السالفة صورا أخرى و لم تكن لتكتمل جماليتها بدون هذا المزج الأدبي و هذه الرؤى المليئة بعبق التاريخ أشياء لو فُقدت لوجدنا في الشعر الحديث فجوة كبيرة و أيضا ستنعدم فيه روح الجمالية والكمال لان جماليات الموروث الثقافي عندما انصهرت في التجربة الشعرية طيلة دهور و حقب من الزمن العتيد كونت لنا في الاخير نوعا أدبيا و شعريا فيه الكثير من التحسينات التي ارتقت به فكانت تلك الصورة الشعرية التي تخلب الالباب مزجت بين عبق التاريخ و عطر العصرنة بين عالم الاساطير و عالم الواقعية صورة شعرية حداثية بحلة زاهية الألوان متعددة الرؤى و عذبة الأشكال..




المراجع _كتاب هندسة المعنى في الشعر العربي المعاصر لمؤلفه محمود درويش

_كتاب_توضيف التراث في الشعر العربي الحديث و المعاصر لبدر شاكر السياب


× × × × × × ×× × × × × × ×× × × × × × ×

× × × × × × ×× × × × × × ×× × × × × × ×

المبحث الخامس_

٥- الزمن وجدلية الصراع بين الذات والهوية

قراءة في الزمن وجدلية الصراع بين الذات والهوية بعنوان:

الانفتاح الحضاري وتلاقح الثقافات الذي طال الانسان العربي خلال رحلته الزمنية الطويلة كان له تأثير جذري على هويته.. 


إن ذات الانسان منذ القدم و هي في محاولة مستمرة لإثبات هويتها فكان هذا الهاجس منبعا لهواجس أخرى جعلته يتحدى كل الأسرار الوجودية من طبيعة و ألغاز و أسرار، و شيئا فشيئا بدأ يظهر للوجود بما يسمى بالفكر الانساني الذي كان اللبنة الأولى لبناء الحضارات..و كون الهوية هي نِتاج تجارب عدة و صيرورة كـمٍّ هائل من التلاقحات و الاحتكاكات تختبرها الذات البشرية أثناء رحلتها الزمنية وهناك اقتباس سأسوقه يشبه تعريفي كثيرا وهو ما قاله * (كون الهوية الثقافية هي صيغة تحديد فئوي بين نحن وهم ،و هو تمييز قائم على الاختلاف الثقافي)1 و عرفها أيضا اسماعيل الفقي كونها(مجموعة من السمات الثقافية التي تتصف بها جماعة من الناس في فترة معينة ،والتي تولد الاحساس لدى الافراد بالانتماء لشعب معين،و التعبير عن مشاعر الاعتزاز و الفخر بالشعب الذي ينتمون اليه)2

 و كلها أشياء تبلور بصمته تتأسس على شعور باختلاف جذري مع الهويات الاخرى فقد اشتغل فكره دائما للإبداع والعطاء وللتميز عن الاخر فكانت تلك هي البدايات الاولى.. وكان دائما في صراع فكري صراعٌ خلقته تحديات لهواجسه و ذاته و كان الزمن دائما له دور فاعل جدا في بلورة كل هذه التفاعلات التي خلقت متغيرات عدة على مستوى فكره و ثقافته حيث اندمجت فيها تجارب و خبرات بمزيج من الرؤى الفلسفية و الحسية و الخيالية أيضا و كلها أشياء أسهمت في صقل هويته على أسس فكرية و حضارية..


فالثقافة بكل أنساقها وخلال تراكمها عبر الزمن تبدأ في تكوين ذات وفكر الانسان بمجموعة من القيم و التقاليد والموروثات بما يرافقها من دلالات روحية وحسية تنسجم كلها في نسق واحد يكون له الدور الأول في تأسيس هويته الفردية التي هي جزء من الفردية الجماعية..


و نأتي هنا الى بسط التحديات التي واجهت المفكر العربي عموما والشاعر خصوصا في الارتقاء والتجاوز بتجربته الشعرية والحفاظ على هويته الثقافية التي هي جوهر هويته ككل ، فهذه الاولى التي هي نتاج و تلاحم سمات و مكونات فكرية من أدب و تاريخ وعادات وتقاليد كانت تعرف تحولا جذريا في سماتها وكانت تجربته الابداعية تجتاحها عوامل شتى من موروثاث ثقافية وحضارية نتيجة الانفتاح الحضاري والتلاقح بين الثقافات الشيء الذي تمخّض عنه مزيج هائل من النصوص الادبية و الصور الشعرية على حد سواء،مزيج كما أثرى المعمارية الادبية بشكل كبير إلا أنه لاحت في الأفق بعض الغيوم غيوم تنذر بخطر وشيك على هويته،فهذا الاثراء الادبي الكبير أحدث خللا بالانطلوجيا الادبية ككل و تشتت الفكر و الذات بين تيارات ثقافية متعددة بدأت تطمس هويته بشكل سريع ..


1_المرجع كتاب الثقافة و الهوية(إشكالية المفاهيم و العلاقة)لشهيب عادل

2_المرجع كتاب مفهوم العولمةىو علاقته بالهوية لإسماعيل الفقي



× × × × × × ×× × × × × × ×× × × × × × ×

× × × × × × ×× × × × × × ×× × × × × × ×

المبحث السادس_

٦- الزمن والصورة الشعرية.

=================

قراءة في الزمن و الصورة الشعرية بعنوان..

تحرر الشاعر من النمطية وتجاوزه للواقعية واشتراطات الادراك الحسي عامل جوهري في تأسيس أدب جديد ساهم في التعدد النوعي داخل نص الأنطلوجيا الشعرية وصيرورة حتمية لإبداع الفكر الانساني داخل الذاكرة الزمنية ..

بقلم المفكر يوسف القيصر_10-02-2021


لقد كان الزمن منذ القدم شيئا لا يتجزأ من حياة الانسان ككل و هنا لن أسرد حيثياث عن العلاقة الازلية بينهما لأني طرحتها في مبحث سابق و سأنتقل مباشرة الى طرحي بخصوص الزمن والصورة الشعرية،فنظرة الشعراء المعاصرين لمفهوم الزمن هي نفسها نظرة الأدباء والمفكرين القدماء لكن مع فروقات جوهرية سيأتي ذكرها لاحقا،فهو بلا شك من صميم أساسيات الأدب ككل في جميع العصور ولبِنة مهمة لصياغة أحداث رواية أو قصة أو نص سردي ما فالتجربة الابداعية لا تخلو من الزمن كركن جوهري لبناء أحداث رواية ما،فكل مبدع وهو يجسد لوحته الابداعية يكون اعتماده على بعد زمني افتراضي ليَحْبِك فيه أحداثا بعينها و يخلق زمنا خاصا بظروف روايته و مخالف للواقع ركن مهم يساعد الكاتب أو الشاعر في سرد عقلاني وترتيب زمني منظم وهو ما يطابق بشكل قريب وصف الفيلسوف الالماني الذي لقب بأبي الفلسفة الحديثة إيمانويل الذي قال بأنه صورة حدسية أو أحد أشكال الحدس المتفقة تماما مع حواسنا الداخلية..


فقد أخذ الزمن دائما حيزا مهما في كل التيارات الفكرية من فلسفة و علم منطق واجتماع و غيرهم إلا أن حصته الكبرى من الاهتمام كانت بلا شك من علماء اللسانيات ، و لقد كان جزءا هاما من صور اللوحة الشعرية و كان أيضا نسقا زمنيا عمل على ربط الخطاب الشعري بكل أنواعه ربطا جعل كل بنياته اللغوية و الدلالية و الحسية كلها تصب في نسق واحد من سلاسل زمنية مختلفة برؤى من الماضي و الحاضر والمستقبل أشياء كلها سعت إلى الارتقاء بالوظيفة الشعرية ككل ،و لا ننسى أن النص الشعري قد عرف تراكمات كثيرة خلال مسيرته في لولب الزمن جعلته يجدد من ذاته و ينوع صورته بمختلف الأشكال و الرؤى..


فهو منذ بداية الفكر و الثقافات كان حاضرا بقوة في كل النصوص الأدبية وشيء لا غنى عنه أبدا ففي القديم كانت كل الروايات تبدأ بذكر الزمن كشيء أساسي لمقدمة الأحداث وأيضا كان مهما في كل مراحل الرواية لتنظيم الوقائع لكي يصبح السرد مفهوما،فالزمن في الروايات يكون محبوكا من الكاتب و مخالفا للواقع حتى يركب عليه أحداث قصته لكن هناك الادب الواقعي الذي يرتبط بدراما واقعية أو أحداث تاريخية أو أخرى سياسية فالزمن هنا يكون حقيقيا بحيث يعتمد الكاتب على تواريخ واقعية وبأمانة تامة و يحيك حولها مجريات الاحداث كقاعدة أساسية لعمله حتى تصل للمتلقي صورة الحدث صحيحة فهو قاعدة لا بد منها لبناء أي نص.. 


و لا ننسى أن الزمن أصبح حاضرا بقوة في الاعمال الأدبية بعد عصر النهضة و ذلك لأن التطورات العلمية و التقنية آنذاك كان لها تأثير قوي على فكر الكاتب و ازداد التأثير رويدا  رويدا..وبدخولنا للعصر الرومانسي أصبحت له حلة جديدة سواء على مستوى القصة أو الشعر وهذه المتغيرات كلها طالت الادب العربي بكل فروعه نتيجة تلاقح الثقافات..فعلى سبيل المثال فالطفرة العلمية التي شهدها القرن 19 و مع تطور العلوم كان هناك تأثر كبير للأدب بعلم الاجتماع و ساهم في صياغة رؤى جديدة له جعلته يتخذ أنماطا فكرية جديدة مزجت بين الخيال و العلم و الشاعرية والرومانسية الشيء الذي أحدث تحولا هائلا في منظومة الأدب العالمي ككل فلم يعد الابداع أساسه الحس الفني و الادراكي فقط بل تخطى تلك المرحلة و كانت رموز عدة فاعلة في هذه النقلة الكبيرة من معطيات خيالية و اخرى علمية أشياء ساهمت في بلورة فكر جديد يستجيب لتطورات العصر..


فالشعر كصورة سامية للمشاعر الانسانية أخذ حيزا هاما من فكر و أدب الحضارات و المتغير الزمني داخل تجربة الشاعر كان له تأثيرات ملموسة جدا الا أنها تباينت بين الفئات العمرية و أيضا بين الجنسين معا،تأثيرات صبَّت في هاجس الشاعر بمعطيات ساهمت في تحفيز مكنوناته و حدسه الابداعي بشكل كبير أشياء بلا شك كان لها أثر مباشر في تحسين الصورة الشعرية و إعطائنا معمارية أدبية مليئة بالجمالية قد تصل لحد الكمال ..


و هنا سألقي نظرة بخصوص عنوان موضوع البحث، فالزمن كان حاضرا بقوة في الشعر العربي سواء في الجاهلية أو عصر الصحابة و ما تلاه من العصر الاسلامي و كان مفهومه هو نفسه في العصور الثلاثة و لم تتغير تلك النظرة النمطية له إلا من زمن غير بعيد فمن خلال تجربة طويلة و بمروره في لولب الذاكرة الزمنية استطاع خلالها الشاعر من تحرير نفسه من تحدي مكنونات ذاته وتحريرها إن صح التعبير من الصورة التقليدية التي تعتمد على الواقعية واشتراطات الادراك الحسي فلم تعد نصوصه تعتمد على المخيلة المحدودة المقيدة بل أصبحت مخيلة واسعة بلا حدود ساهم في توسيعها كل العوامل التي ذكرت سابقا من صور شعرية و رؤى مختلفة تراكمت عبر الدهور ثم بعد التطورات والتي من أهمها عصر النهضة و عصر الرومانسية  الحداثة أيضا و كلها أسباب أعطتنا نِتاجا فكريا جديدا وصورة شعرية عصرية و حداثية تجاوزت النمط الحسي الواقعي الى نمط مشبع بالخيال نمط مشبع برموز تعتمد على حاسة التنبؤ و الاستبطان و أسس أخرى،فكل هذه العوامل من رؤى فلسفية و خيالية و علمية و أشياء أخرى قد تعمقت بالاحتكاك الزمني الطويل و استطاع الشاعر أن يتخطى بها الصورة القديمة للنص الشعري ويؤسس نمطا شعريا عصريا و جديدا ذو بنية جديدة فيه الكثير من الدلالات و أيضا الكثير من الجماليات فكانت حقا قفزة هائلة أسهمت في ولادة مولود جديد و تراث شعري جديد..


و أخيرا فسواء في الكتابة الدرامية و الاجتماعية أو السياسية نجد الزمن جزءا لا غنى عنه في بنية و بناء أي نص فهو ذاكرة تربط الأحداث ببعضها و بدونها أي بدون الذاكرة الزمنية لايمكن للقارىء أن يستوعب شيئا و يقرأ كلمات بلا معنى لأن الاساس لفهم أي نص هو الترتيب الزمني وإذا فُقد أصبحت الاحداث مبهمة..فإرهاصات الكاتب أو الشاعر ومعاناته داخل مسار الزمن و الاحداث التاريخية هي ما تصنع لنا شيئا جديدا ومولودا إبداعيا يرتقي بالمنظومة ككل بكل أجناسه إلى منتهى السمو والكمال..

بقلم  المفكر يوسف القيصر_


المرجع_كتاب الزمن والصورة الشعرية لمؤلفه عبد العزيز ناصر الزراعي

الثلاثاء، 9 فبراير 2021


 دراسة في بعد الزمان بعنوان:

الجدلية الأزلية في المفهوم الزمني كبعد غير انعكاسي و كقاعدة أساسية  في لبناء نص ما 

بقلم يوسف القيصر_بتاريخ09-02-2021


لقد كان الزمن منذ الأزل شيئا جدليا أثار حوله الكثير من التساؤلات و أحاطه الكثير من الغموض؛فهو جزء من قوانين الطبيعة و ركيزة من أهم أسسها،فتحرُّك المكان في دائرة الزمن هو ما يصنع الأحداث و مراحل حياة كل المخلوقات فالزمن بُعد كوني غير ملموس ماديا عبارة عن مساحة من الأرقام تؤرخ للأحداث الكونية منذ  النشوء وحدتها السنوات و الأرقام لا نراها بأعيننا لكن نحسها بحواسنا و بتعريفه الفيزيائي المختصر فهو بعد غير انعكاسي نسير فيه الى الأمام فقط خلاف البعد المكاني ففي هذا الاخير يمكنك التنقل من نقطة والرجوع اليها بعكس البعد الزمني حيث يستحيل فيه العودة الى النقطة السابقة وهو الشيء الذي جعل خيال الأدباء والعلماء على حد سواء يحاولون اختراق الزمن عكسيا فأبدع الأدباء شتى الروايات عن رحلات الزمن كما راود بعض العلماء حلم عن اختراع آلة ترجع بنا للماضي..وكان الزمن منذ دهور محور اهتمام المفكرين و المتأملين ،ففي بداية الحضارات كان عاملا مهما في أديان القدماء و منه أوجدوا الأعوام  الميلادية و القمرية لحساب الوقت و السنوات كما كان للقدماء رؤية مختلفة عنه فمن أقوال الفلاسفة الذين كانوا الاوائل في بحثهم عن مفهومه و محاولة إزالة الغموض عن غياهبه و منهم فيلسوف الإغريق أفلاطون الذي أخبرنا بأن الزمان بلا بداية وأنه وحدة فلكية وصورة متحركة للأبدية التي تتواجد في حاضر مستمر و لا يجوز عليها الماضي و الحاضر و المستقبل في حين عارضه نظيره أرسطو حيث قال العكس و يبقى الطرح الجدلي قائما قرونا عدة حيث أثاره مرة أخرى كل من الكندي و ابن سينا فقال الاول ان الزمان متناهي في حين تشدد الاخير بقوله أنه غير متناهي وظل الجدل مطروحا..و تمر الدهور و يتطور العلم وعند اختراع الساعة أصبحنا نرى الزمن يتحرك على شكل عقارب تدور و لم يعد الزمن ذلك المجهول كليا بل أصبح مجهولا جزئيا و بعد معرفة العلماء بالمتَّجه الزمني الكوني الذي يرتبط بالانفجار الكبير أصبح للزمن بداية لكن بدون نهاية و اجتهد الباحثون من حل المعادلة الكبرى و خرجوا لنا برقم معجز عن عمر الكون الذي قدروه برقم رهيب بحوالي  13.799 مليار عام..

=========

أما بخصوص النقطة الثانية من البحث عن نظرة الشعراء المعاصرين لمفهوم الزمن فهي نفسها نظرة الأدباء والمفكرين القدماء مع اختلافات بسيطة ،فهو بلا شك من أساسيات الأدب ككل في جميع العصور و لبِنة مهمة لصياغة أحداث رواية ما فكل مبدع و هو يجسد لوحته الابداعية يكون اعتماده على بعد زمني افتراضي ليَحْبِك فيه أحداثا بعينها و يخلق زمنا مخالفا للواقع لكنه ملائم لأحداث قصته و هو ما يطابق بشكل قريب وصف الفيلسوف الالماني الذي لقب بأبي الفلسفة الحديثة إيمانويل الذي قال بأنه صورة حدسية أو أحد أشكال الحدس المتفقة تماما مع حواسنا الداخلية..


فكما ذكرتُ في البداية يكون الزمن في الروايات محبوكا من الكاتب و مخالفا للواقع حتى يركب عليه أحداث قصته لكن هناك الادب الواقعي الذي يرتبط بدراما واقعية أو أحداث تاريخية أو أخرى سياسية فالزمن هنا يكون حقيقيا بحيث يعتمد الكاتب على تواريخ واقعية وبأمانة تامة و يحيك حوله مجريات الاحداث كقاعدة أساسية لعمله حتى تصل للمتلقي صورة الحدث صحيحة فهو قاعدة لا بد منها لبناء أي نص.. 


و لا ننسى أن الزمن أصبح حاضرا بقوة في الاعمال الأدبية بعد عصر النهضة و ذلك لأن التطورات العلمية و التقنية آنذاك كان لها تأثير قوي على فكر الكاتب و ازداد التأثير رويدا وبدخولنا للعصر الرومانسي أصبحت له حلة جديدة سواء على مستوى القصة أو الشعر و هذه المتغيرات كلها طالت الادب العربي بكل فروعه نتيجة تلاقح الثقافات..فعلى سبيل المثال فالطفرة العلمية التي شهدها القرن 19 و مع تطور العلوم كان هناك تأثر للأدب بعلم الاجتماع و ساهم في صياغة رؤى جديدة له


و أخيرا فسواء في الكتابة الدرامية و الاجتماعية أو السياسية نجد الزمن جزءا لا غنى عنه في بنية و بناء أي نص فهو ذاكرة تربط الأحداث ببعضها و بدونها أي بدون الذاكرة الزمنية لايمكن للقارىء أن يستوعب شيئا و يقرأ كلمات بلا معنى لأن الاساس لفهم أي نص هو الترتيب الزمني و إذا فُقد أصبحت الاحداث مبهمة ..فإرهاصات الكاتب أو الشاعر و معاناته داخل مسار الزمن و الاحداث التاريخية هي ما تصنع لنا شيئا جديدا و مولودا إبداعيا يرتقي بالمنظومة ككل بكل أجناسه إلى منتهى السمو والكمال









  فلسفة الحياة.. بقلم _القيصر_21-04-2021 إن للحياة فلسفة خاصة بها و معاييرها تخالف غالبا معاييرنا،كما أن قوانين الزمان و الأيام تخضع لقوانين...