الثلاثاء، 9 فبراير 2021


 دراسة في بعد الزمان بعنوان:

الجدلية الأزلية في المفهوم الزمني كبعد غير انعكاسي و كقاعدة أساسية  في لبناء نص ما 

بقلم يوسف القيصر_بتاريخ09-02-2021


لقد كان الزمن منذ الأزل شيئا جدليا أثار حوله الكثير من التساؤلات و أحاطه الكثير من الغموض؛فهو جزء من قوانين الطبيعة و ركيزة من أهم أسسها،فتحرُّك المكان في دائرة الزمن هو ما يصنع الأحداث و مراحل حياة كل المخلوقات فالزمن بُعد كوني غير ملموس ماديا عبارة عن مساحة من الأرقام تؤرخ للأحداث الكونية منذ  النشوء وحدتها السنوات و الأرقام لا نراها بأعيننا لكن نحسها بحواسنا و بتعريفه الفيزيائي المختصر فهو بعد غير انعكاسي نسير فيه الى الأمام فقط خلاف البعد المكاني ففي هذا الاخير يمكنك التنقل من نقطة والرجوع اليها بعكس البعد الزمني حيث يستحيل فيه العودة الى النقطة السابقة وهو الشيء الذي جعل خيال الأدباء والعلماء على حد سواء يحاولون اختراق الزمن عكسيا فأبدع الأدباء شتى الروايات عن رحلات الزمن كما راود بعض العلماء حلم عن اختراع آلة ترجع بنا للماضي..وكان الزمن منذ دهور محور اهتمام المفكرين و المتأملين ،ففي بداية الحضارات كان عاملا مهما في أديان القدماء و منه أوجدوا الأعوام  الميلادية و القمرية لحساب الوقت و السنوات كما كان للقدماء رؤية مختلفة عنه فمن أقوال الفلاسفة الذين كانوا الاوائل في بحثهم عن مفهومه و محاولة إزالة الغموض عن غياهبه و منهم فيلسوف الإغريق أفلاطون الذي أخبرنا بأن الزمان بلا بداية وأنه وحدة فلكية وصورة متحركة للأبدية التي تتواجد في حاضر مستمر و لا يجوز عليها الماضي و الحاضر و المستقبل في حين عارضه نظيره أرسطو حيث قال العكس و يبقى الطرح الجدلي قائما قرونا عدة حيث أثاره مرة أخرى كل من الكندي و ابن سينا فقال الاول ان الزمان متناهي في حين تشدد الاخير بقوله أنه غير متناهي وظل الجدل مطروحا..و تمر الدهور و يتطور العلم وعند اختراع الساعة أصبحنا نرى الزمن يتحرك على شكل عقارب تدور و لم يعد الزمن ذلك المجهول كليا بل أصبح مجهولا جزئيا و بعد معرفة العلماء بالمتَّجه الزمني الكوني الذي يرتبط بالانفجار الكبير أصبح للزمن بداية لكن بدون نهاية و اجتهد الباحثون من حل المعادلة الكبرى و خرجوا لنا برقم معجز عن عمر الكون الذي قدروه برقم رهيب بحوالي  13.799 مليار عام..

=========

أما بخصوص النقطة الثانية من البحث عن نظرة الشعراء المعاصرين لمفهوم الزمن فهي نفسها نظرة الأدباء والمفكرين القدماء مع اختلافات بسيطة ،فهو بلا شك من أساسيات الأدب ككل في جميع العصور و لبِنة مهمة لصياغة أحداث رواية ما فكل مبدع و هو يجسد لوحته الابداعية يكون اعتماده على بعد زمني افتراضي ليَحْبِك فيه أحداثا بعينها و يخلق زمنا مخالفا للواقع لكنه ملائم لأحداث قصته و هو ما يطابق بشكل قريب وصف الفيلسوف الالماني الذي لقب بأبي الفلسفة الحديثة إيمانويل الذي قال بأنه صورة حدسية أو أحد أشكال الحدس المتفقة تماما مع حواسنا الداخلية..


فكما ذكرتُ في البداية يكون الزمن في الروايات محبوكا من الكاتب و مخالفا للواقع حتى يركب عليه أحداث قصته لكن هناك الادب الواقعي الذي يرتبط بدراما واقعية أو أحداث تاريخية أو أخرى سياسية فالزمن هنا يكون حقيقيا بحيث يعتمد الكاتب على تواريخ واقعية وبأمانة تامة و يحيك حوله مجريات الاحداث كقاعدة أساسية لعمله حتى تصل للمتلقي صورة الحدث صحيحة فهو قاعدة لا بد منها لبناء أي نص.. 


و لا ننسى أن الزمن أصبح حاضرا بقوة في الاعمال الأدبية بعد عصر النهضة و ذلك لأن التطورات العلمية و التقنية آنذاك كان لها تأثير قوي على فكر الكاتب و ازداد التأثير رويدا وبدخولنا للعصر الرومانسي أصبحت له حلة جديدة سواء على مستوى القصة أو الشعر و هذه المتغيرات كلها طالت الادب العربي بكل فروعه نتيجة تلاقح الثقافات..فعلى سبيل المثال فالطفرة العلمية التي شهدها القرن 19 و مع تطور العلوم كان هناك تأثر للأدب بعلم الاجتماع و ساهم في صياغة رؤى جديدة له


و أخيرا فسواء في الكتابة الدرامية و الاجتماعية أو السياسية نجد الزمن جزءا لا غنى عنه في بنية و بناء أي نص فهو ذاكرة تربط الأحداث ببعضها و بدونها أي بدون الذاكرة الزمنية لايمكن للقارىء أن يستوعب شيئا و يقرأ كلمات بلا معنى لأن الاساس لفهم أي نص هو الترتيب الزمني و إذا فُقد أصبحت الاحداث مبهمة ..فإرهاصات الكاتب أو الشاعر و معاناته داخل مسار الزمن و الاحداث التاريخية هي ما تصنع لنا شيئا جديدا و مولودا إبداعيا يرتقي بالمنظومة ككل بكل أجناسه إلى منتهى السمو والكمال









ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

  فلسفة الحياة.. بقلم _القيصر_21-04-2021 إن للحياة فلسفة خاصة بها و معاييرها تخالف غالبا معاييرنا،كما أن قوانين الزمان و الأيام تخضع لقوانين...