الخميس، 3 ديسمبر 2020


 البحث العلمي في الدول العربية بين التحدي و الإكراهات و مواكبة تطورات العصر..

بقلم بلغازي يوسف القيصر\بتاريخ07-11-2020

لقد كان العلم منذ الأزل هو السبيل الأوحد لتنوير الفكر البشري وأيضا للارتقاء بالأمـم

فالعلم منارة تضيء كل الافاق و منصة تستشرف منها البشرية مطالعا جديدة، و على مر العصور تطورت العلوم و فتحت لنا أبوابا لغذ مشرق و سهلت لنا أيضا سُبل الحياة الى حد وصل لمنتهى الرفاهية،وتبقى كل العلوم مع اختلافها و تعدد مناهجها مكملة لبعضها مترابطة كعربات قطار يسير بنا الى الامام و ركب التنمية يتسع بمزيد من النمو و التقدم..

 و لعل البحث العلمي يُصنف في قمة الهرم بلا منازع و كتعريف له و مختصر من شخصي فهو التعامل مع كل ما يعترضنا من عوائق بشكل علمي و إيجاد الحلول لها بطرق دقيقة أساسها دراسات و بحوث و كذلك إيجاد أشياء و ابتكارات تسهِّل لنا حياتنا و تضيف لها الكثير من الرفاهية، فهو عملية ترتكز على الموضوعية و المثابرة و أيضا الطموح، فهو دعامة هائلة لتطوير المجتمع و قنطرة قوية للرقي بالأمة فِعْلِيا الى مَصافِّ من سبقتها من الامم..

إن العالم العربي منذ أمد بعيد أصبح معروفا بتبعيته للغرب في كثير من الميادين و أخص بالذكر هنا البحث العلمي و أصبح عاجزا عن مواكبة التطورات و الاختراعات التي يسبقنا بها الغرب بمراحل..و لعل هذا الموضوع عميق و شائك فسأحاول الاختصار قدر الامكان، و لعل السبب الاكبر هو أن أيديولوجيّة الشعب العربي فيما يخص أفكاره و ثقافته تؤمن إيمانا تاما أن الغرب وحدهمُ العباقرة و يقين كبير بعجزنا عن مواكبة الرواد في العلم و الاختراع و هذه الايدولوجية السلبية تثبط من عزيمتنا و تجعل الممكن مستحيلا ..

و شيء اخر فنجد ان أغلب العلماء في العالم الشرقي ينظر لنظيره الغربي بكثير من الذهول دون التساؤل عن أسباب تفوق الاخر و أيضا  فأغلب الاساتذة و الباحثين يقفون عند البحوث النظرية دون الغوص في البحوث التطبيقية فيبقى كل شيء حبرا على ورق..

و حتى نبني أرضا استراتيجية للبحث العلمي يجب بناء منظومة متكاملة لهذا الشأن و تصنيفه من الاولويات القصوى فهو دعامة قوية للتنمية و الازدهار و لجَعلِ جذورنا قوية كما هو الشأن عند الطرف الاخر،كما ان المضي بالبحث العلمي فيما يخص التطبيقي منه و الاختراعات كفيل بأن يقوي شوكتنا و يغير البنية الصناعية و الاقتصادية على حد سواء  و بشكل كبير..

و شيء مهم اخر يجب الحث على تنمية القدرات الفكرية للمواهب و اتباع استراتيجية جديدة تكون مجربة و ناجحة حتى يستطيع المؤطرون من تحفيز ميكانيزمات عقل الطلاب الباحثين بطريقة مبتكرة و تكثيف الاختبارات التطبيقة و أيضا معرفة نقاط الضعف و الخصاص في المناهج المُدرسة و فتح برامج لزيادة القدرة التنافسية بين الطلاب الباحثين..

ان توجهنا نحو البحث و الابتكار في كل أبعاده و أنواعه سيغير كثيرا من المفاهيم و يجعلنا نستشرف مطالعا و آفاقا واعدة و ستختلف حينئذ كل الرؤى حين نندمج في ركب الرواد..

إن العالم العربي في أمس حاجة الى تواجد أطر و مواهب علمية فذة تبتكر و تخترع أشياء تنافس بها نظيرتها في الغرب ،قد يكون هذا صعبا في بدايته و تحدي  لنا لكن ليس هناك شيء صعب اذا توفرت العزيمة و مشينا بخطى واثقة و مُمَنهجة، فالتفوق في عالم الابتكار و منافسة الرواد و العمالقة شيء سيجعلنا يقينا في مصاف الدول العظمى و سنكون في القيادة أيضا لا مجرد تابعين..

إن الطاقات الفكرية و الموارد البشرية و أيضا المادية متواجدة بشكل كبير بالاوطان العربية و لكن للاسف لا تُوظَّف بالطريقة المثلى فمن جهة ليس هناك تشجيع للابحاث الدراسات العلمية الا قليلا كما ان هذه الاخيرة لا يوفر لها حيز كبير من هذه الموارد إضافة الى عدم وجود أطر و أساتذة موهوبين يختصون في توجيه الطلاب و تدريسهم بطريقة ذكية  و مطورة تؤتي ثمارها بشكل سريع و صحيح..

و من جهة أخرى هناك أشياء مفقودة فمثلا ليس هناك ايمان كبير بالبحث العلمي كما أن هناك كما ذكرت سابقا استهانة من أنفسنا بعدم قدرتنا على التماشي مع الدول الغربية و هذا سلبي جدا ..

إن تبعيتنا للغرب و بقاؤنا في ذيل الركب هو نتيجة أولى لتبعية أكثر علمائنا لنظرائهم في الجهة الغربية و بالتالي عدم استقلالهم بأفكارهم رغم أنهم كفاءات فكرية كبيرة و لا يجب الاستهانة بقدراتهم فالثقة مهمة جدا فهي تعطي شحنات إيجابية كما تزيل عنا شعور العجز و السلبية..

أعزائي القراء حضرات المفكرين و الأدباء الكرام نتمنى أن تُثْـرُوا  النقاش بأفكاركم و آرائكم القيمة و أيضا بمداخلاتكم المائزة حتى نتبادل رؤى مختلفة تساعد على إثراء ثقافتنا و تنوير فكرنا

بقلم يوسف القيصر؛

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

  فلسفة الحياة.. بقلم _القيصر_21-04-2021 إن للحياة فلسفة خاصة بها و معاييرها تخالف غالبا معاييرنا،كما أن قوانين الزمان و الأيام تخضع لقوانين...