السبت، 30 يناير 2021

دراسة في الشيزوفرينيا-Schizophrenia_ بعنوان:
الشيزوفرينيا بين فهم غير صحيح للمصطلح و علم قليل بالأسباب والنتائج..
بقلم_يوسف القيصر_بتاريخ16-01-2021


هناك كُثُر من يخافون من ذكر حتى المصطلح و إذا فتح كتابا و وجد فيه كلمة(شيزوفرينيا) يتبادر الى ذهنه تلقائيا غموض و تخوف من موضوع يفوق مداركه الفكرية و سرعان ما يغلقه و ينفلت هاربا لا يلوي على شيء مع أن الموضوع ليس بهذه الصعوبة قط ..فهو هو إلا مرض ذهني يسمى لغويا _بالفِصام الذهني_ وهو بخلاف مرض _انفصام الشخصية_كما  يظن الكثيرون و التي وصفتها كما تذكرون رواية الدكتور جيكل والمستر هايد الشهيرة..فالشيزوفرينيا كظاهرة مرضية تعد الأخطر من نوعها من بين الأمراض النفسية جميعها تصيب الفرد داخل مجتمعه و قد كانت منتشرة منذ أمد بعيد جدا و لكن العلم لم يشخصها تشخيصا صحيحا و لم يسبر أغوارها إلا منذ فترة غير بعيدة ويذكر لنا التاريخ في كثير من المحطات والروايات أن اشخاصا كُثرا عاشوا يعانون من آثارها دون علاج  أو حتى فهم حالاتهم من قِبل المحيطين بهم فنعتوهم بأوصاف شتى وأحيانا نعتوهم بالجنون وما الشيزوفريني بمجنون، فهي حالة مرضية لم يتم الجزم نهائيا في أسبابها لكن هناك العلماء أصبح عندهم احتمالات عن الظروف التي قد تظهر فيها و حددوها في الجينات وأيضا في الظروف البيئية المحيطة بالمريض..

لقد صنف علماء الطب النفسي (الشيزوفرينيا) بوصفها ظاهرة مرضية تصيب ذهن الشخص فتسبب له أعراضا نفسية عميقة ومزمنة تؤدي الى انفلات وخلل في تصرفاته و توحُّد و غرابة في أطواره و هي تحصد بشدة صفوف البالغين بين المراهقة و الثلاثين و ايضا بين26 والثلاثين ولا يتجاوز المصابين بها اكثر من 1% من مجموع ساكنة القارات الخمس بمعدل تقريبي مليون حالة في السنة الواحدة حول العالم وتصيب الرجال والنساء على حد سواء مع ظهور الاعراض عند الرجال مبكرا والدراسات أيضا بينت أن الشريحة المجتمعية الفقيرة و الاشخاص المدمنين يتواجد بها اكثر الشيزوفرنيين عددا ، و أعراضها قسمها العلماء الباحثون الى ثلاث مراحل:
المرحلة الاولى:و سمّوها بالاعراض الايجابية بحيث يصاب المريض اول ما يصاب باظطرابات ذهنية فكرية فتجتاحه وُهام (Delusions) وهلوسة (Hallucinations شديدين مع اخلل واضطراب في حركته تفقده القدرة على التعامل بواقعية مع المحيطين به ..
و أيضا هناك مرحلة الأعراض السلبية(Negative symptoms) :
ففي هذه المرحلة يحدث للشخص خلل في مشاعره فيقل كلامه وأيضا مرحه ويعتريه الوجوم و الاكتئاب الدائمين بما يرافقه من تبلد الأحاسيس بشكل ملحوظ و أيضا تظهر عليه بما يسمى بالاعراض الإدراكية فيصبح عنده ضعف في التركيز و يفقد اهتمامه بالاشياء و أيضا صعوبة فهم المعلومات التي يستقبلها دماغه مما يجعله مشوشا و لا يستطيع اتخاذ القرارات..

فأسباب هذه الظاهرة المرضية لم يقطع فيها العلم اليقين بالشك لكن العلماء قطعوا شوطا في أبحاثهم بهذا الشأن و وصلوا إلى نتائج مهمة و أخبرونا بأن هناك جينات متعددة تساعد على ظهور الشيزوفرينيا هذا كسبب أول وأيضا عامل البيئة يعتبر عامل ثاني مثل الظروف النفسية الاجتماعية للشخص كتعاطي المخذرات أو أزمة نفسية ألمّت به و أيضا سبب آخر يتعلق بذماغ الشخص نفسه و بتركيبته بسبب خلل في التركيبة نتيجة تفاعل غير متوازن للعناصر الكيميائية بذماغه و يكون الخلل ناتجا عن نقص في الدوبامين و  والغلوتامات وهي عبارة عن نواقل ذماغية كما يعزز ظهور المرض بعض الخلل في روابط الذماغ التي تنشأ بخلل أثناء تكون الذماغ قبل الولادة، وهذه وغيرها كلها أسباب تعطينا غالبا شخصا شيزوفرينيا لكن قد أكد الباحثون أن الشيزوفرينيا لا تظهر إلا بتألّب العاملين معا الظروف البيئية مع مثيلتها الجينية و عامل واحد تندر معه الاصابة بها..

فهي في شكلها العام يمكن تلخيص الأعراض المشتركة للشيزوفرينيين في الأوهام والهلاوس و رد الفعل البطيء مع مزاج متقلب و فتور كبير للمشاعر وأيضا نسيان متكرر وما يرافقه من عدم القدرة على اتخاذ القرارات كما أن تصرفاته تجعل الاخرين ينفرون منه أو يخافونه ..وينصح الطب بأن حالة الفصام الذهني كغيرها من الأمراض الخطيرة إذا ما تأخر تشخيص الحالة أصبح العلاج صعبا و طويلا و لدواعي علاج الحالة يستدعي الأمر علاجا دوائيا و آخر نفسيا ، فالعلاج الدوائي قد يكون بدواء كيميائي أو بنوعية من الأعشاب في حين العلاج النفسي ينقسم إلى إدراكي و سلوكي و يكونالأول  إما بمعالج نفسي مختص أو بمركز مختص لمعالجة الفصام..و في حالات نادرة يستدعي العلاج الصدمات الكهربية أو إجراء جراحة في نسيج المخ .. و بعد العلاج الدوائي والنفسي تأتي مرحلة العلاج السلوكي من خلال تطوير مهاراته التي فقدها حتى يندمج بشكل صحيح في المجتمع و لا ننسى دور العائلة في إعادة تأهيله بجوار العوامل التي سبق ذكرها وهناك دراسات أخرى أثبثت أن هناك 30% من هذه الحالة تم علاجها بلا دواء لكن لكل شيزوفريني ظروفه..

و في سياق آخر فالحديث يقودنا حتما إلى علاقة الشيزوفرينيا بالانتحار ،لأن بعض الحالات المتأخرة قد تؤدي الى الانتحار غالبا من سن 25 الى سن 35 بنسبة 12% من مجموع المصابين حسب دراسة قام بها أحد معاهد الأبحاث الطبية في هذا الشأن كما أن مضاعفات بعض الأدوية يؤدي الى الوفاة بسبب آثار جانبية كمشاكل قلبية أو ارتفاع الظغط مثلا ..

و أخيرا فالشيزوفريني هو نتيجة لعامل وراثي و بيئي معا و هو ليس بشخص عنيف بخلاف ما هو شائع عند العامة كما أنه غير مؤذي للاخرين لكنه قد يكون مؤذيا لنفسه وعلاجه يتطلب عناية خاصة لصعوبة التعامل معه خصوصا معاملته برفق و باحترام كما يجب إبعاده تماما عن المخذرات لأنها ستدهور حالته كثيرا وهما للأسف مثل غالبية المرضى النفسيين يعيشون أقل من الشخص العادي نتيجة خلل في الدورة الدموية..









ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

  فلسفة الحياة.. بقلم _القيصر_21-04-2021 إن للحياة فلسفة خاصة بها و معاييرها تخالف غالبا معاييرنا،كما أن قوانين الزمان و الأيام تخضع لقوانين...